في منتصف التسعينيات التقيت المرحوم مسلم بسيسو وحينها كنت اعمل على وضع كتابي (تطور الصحافة الأردنية: 1920-1997) الذي صدر لاحقا عن لجنة تاريخ الأردن في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الاسلامية. كان مسلم وقتها يعمل في القطاع الخاص في محل له مليء باللوحات في شارع الشهيد وصفي التل. وكان من نتيجة هذا اللقاء ان احتل مكانا له في فصل رواد الصحافة الأردنية في ذلك الكتاب.
ولد مسلم في بيسان عام 1926، وتخرج عام 1945 من الكلية الانجليزية في القدس. واجتذبته الصحافة في سن مبكرة، فكتب في صحف القدس وحيفا، كما عمل مراسلاً من غزة–موطنه الأصلي–لعدد من الصحف الفلسطينية. وفي عام 1948 عمل مراسلاً حربياً لصحيفة النسر الاردنية، والأهرام القاهرية، ووكالة الاسوشيتدبرس الأميركية. وكان أول من أذاع نبأ اغتيال الكونت برنادوت، وسيط الامم المتحدة في فلسطين.
بعد النكبة، ذهب الى القاهرة، وعمل في وكالة الأنباء العربية، وحصل على سبق صحفي آخر لدى اغتيال محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر. ثم حاول الانضمام الى نقابة الصحفيين المصريين، فلم يتمكن.
جاء الى عمان عام 1949، والتقى فيها أبناء خليل نصر، واستطاع مع صديقه «الكاتب خيري حماد اقناعهم» بأن «يصدروا جريدة الأردن بشكل يومي». وكان راتبه من عمله فيها (15) دينارا في الشهر.
ترك العمل في الصحافة، وتوجه الى الأعمال الحرة، وأصاب ربحا، فأصدر صحيفته الحوادث الاسبوعية في 8/10/1951. وواصلت الحوادث الصدور مدة أربع سنوات، وكانت تصدر في 6-8 صفحات من القطع الكبير. ثم اضطرت للتوقف بسبب صدور قانون المطبوعات لعام 1955 الذي اشترط توفر المؤهل الجامعي عند رئيس التحرير. ورغم أنه حاول اصدارها مع قريب له يحمل مؤهلاً جامعياً، إلا أنه لم يفلح. وذكر أن قانون المطبوعات والنشر لم يطبق على صحيفة الصريح لصاحبها هاشم السبع، الذي لم يكن يحمل مؤهلاً جامعياً، وذلك بسبب موالاته المفرطة للحكومة.
بعد ذلك عمل في جريدة النضال لصاحبيها رياض المفلح وأحمد الطراونة، وكانت جريدة معارضة عملت على اسقاط حكومة فوزي الملقي. انتخب عام 1953 أمين سر لنقابة الصحفيين الاردنيين.
كان ذا ميول يسارية انضم لعصبة التحرر الوطني في فلسطين- التي كانت حسب تعبيره نواة للحزب الشيوعي–في وقت مبكر من حياته. وفي عام 1956 ترك الاردن وفر الى سوريا، وعمل في صحفها، وعاد الى عمان عام 1968 بعد صدور العفو عن الفارين السياسيين. توفاه الله يوم 26/10/2017.
يقول المرحوم الكاتب حسان أبو غنيمة ان «اهتمامات جريدة الحوادث كانت في الأساس تتمحور حول الحدث السياسي الدولي والعربي والمحلي، وكان يميز بعض توجهات الجريدة تجاه هذه الأحداث، وخاصة المحلية منها، طابع الانتقاد والمعارضة، ولكن بشيء من روح المرح والدعابة عبر التعليقات القصيرة.. واستخدام بعض المصطلحات العامية».